كتاب رد البهتان عن إعراب آيات من القرآن الكريمالكتب العلمية

كتاب رد البهتان عن إعراب آيات من القرآن الكريم

[المقدمة] الحمدُ لله رب العالمين، الذي جعل كتابه بلسان عربي مبين، والصَّلاة والسلام على نبينا محمّد خاتم المرسلين، ثم الرّضا عن آله وصحابته أجمعين، ومَنْ تَبِعهم بإحسانِ إلى يوم الدِّين. وبعد: فشاء الله سبحانه أن تكون العربية لغة كتابه ولسان وَحْيه، وأن يكون ذلك الكتاب الكريم آخر كُتبه وخاتمة رسالاته إلى عباده، قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)، وقال تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)). فالعربية وعاءُ الإسلام، وهي من الذين، لا تنفصل عنه ولا ينفصل عنها، وهذا التكرار لعربيّة القرآن في آياتٍ عدة؛ لينبّهنا إلى أهمية الصلة بين القرآن ولغته، الموصوفة بالبيان، والمتميّزة بالإعراب " الذي جعله الله وَشياً لكلامها، وحِلْيةً لنظامها، وفارقاً في بعض الأحوال بين الكلامين المتكافئين، والمَعْنيَيْنِ المختلفَيْن ". هذا الإعراب، الذي به تُعرف معاني آي الكتاب، ويُدفع عنها كلّ ارْتياب، هو عدَّة لأهل التفسير، وللمعربين النَّحارير؛ لبيان كلام العليّ القدير. فبالإعراب نقف على أحكام القرآن، ونستخرج أسرار البيان، قال مكيّ بن أبي طالب: "من أعظم ما يجب على الطالب لعلوم القرآن، الراغب في تجويد ألفاظه، وفَهْم معانيه، ومعرفة قراءاته ولغاته، وأفضل ما القارئ إليه محتاج: معرفة إعرابه ". وجاء عن السَّلف تفضيل إعراب القرآن والحضّ على تعلُّمه، فهو من الذين بمكانٍ معلوم. قال الإمام ابن عطيّة: "إعراب القرآن أصلٌ في الشَّريعة؛ لأنّ بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع ". ومنذ القديم وإلى اليوم يعمل أعداءُ الإسلام على محاربة أصل الإسلام وجذره، وهو القرآن الكريم، ومحاربة لغته: اللغة العربيّة، فحمل أعداءُ الإسلام على معاني القرآن بالتحريف والتضليل، وأرادوا لتفسيره التحويل والتبديل. وعَمِل آخرون على الطَّعن في إعرابه، بغية إبطاله؛ ولكن هيهات، فهو كلام رب الأرض والسماوات، أُنزل بأحسن اللّغات، وأبلغ العبارات. ولنقرأ هذا القول للملاحدة أورده صاحب الانتصار: "إنّ الله - سبحانه - لا يجوز أن يتكلَّم باللَّحن، ولا ينزل القرآن ملحُوناً، وأنّ ذلك إنَّما هو تخليط ممّن جمعَ القرآن وكتب المصحف، وتحريفهم إما للجهل بذلك وذهابهم عن معرفة الوجه الذي أُنزل عليه، أو لقصد العناد والإلباس، وإفساد كتاب الله وإيقاع التخليط فيه ". فهم - كما ترى - يريدون الطَّعن في القرآن، وفي أهل القرآن أهل الفصاحة والبيان، السابقين بالإيمان. وهذا دَيْدن أتباعهم المعاندين، يقول الدكتور فضل حسن عبّاس: "والمستشرقون، والمبشّرون، والملاحدة، والذين يقلّدون هؤلاء وأُولئك، لم يألَوا جهداً أن ينالوا من لغة القرآن ". واستغلّ أعداؤنا كلّ وسيلة للطعن في إعراب القرآن، وتلحين آياتٍ منه؛ فحتى الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت) لم تَخْلُ من مواقع تنشرُ مناقشات إعرإبية لتخطئةِ آيات من جهة النَّحو والإعراب. فقد نشر الأستاذ الدكتور مازن المبارك مقالاً في صحيفة الخليج بعنوان (نحو الإنترنت) ردَّ فيه على كاتبٍ يدَّعي اللَّحن في آياتٍ من القرآن، وفي موقع (صيد الفوائد) مقال بعنوان (شبهات حول أخطاء قرآنية مزعومة) لكاتبٍ لم يذكر اسمه، ردَّ فيه على طاعنٍ في إعراب آي الكتاب. فالطَّاعنون من الملاحدة والمنصرين، والمستشرقين وغيرهم، لديهم صبرٌ لا ينفد في استكشاف المخبوءات الواهيات، واستغلال الضعيف من الدّلالات، يؤيّدون بها ما يقرّرون من نظريّات، ويتركون الأدلَّة القاطعة، والحُجج الساطعة، وهذا ليس من العلم في شيءٍ، وإنما هو انحراف عن المنهج العلميّ السليم، والأخذ بمذهب سقيم. ومن زمن وأنا اتابع الطاعنين، في إعراب الكتاب المبين؛ فسلكت ما تفرّق من مقالاتهم في هذا البحث اللّطيف؛ ليكون تذكرة للحصيف، وتبصرةً للغرّ الضعيف. وسمّيته بـ (ردّ البهتان عن إعراب آياتٍ من القرآن). وجاء البحث بعد هذه المقذمة في ثلاثة مباحث وخاتمة: المبحث الأوّل: الطَّاعنون في إعراب القرآن، وهو تقييد مُوجز لأصناف الطَّاعنين، وبيان تأثير هذه المقالة في صفوفهم. المبحث الثاني: شُبَه الطَّاعنين في إعراب القرآن والجواب عنها: جمعتُ فيه أهمّ الشُّبَه التي يرتكز عليها هؤلاء، وبيَّنت فسادها وخطرها. المبحث الثالث: آيات طُعِن في إعرابها وردُّ ذلك؛ وفيه الإجابة عن الآيات التي طُعِن في إعرابها - لا سيما - التي جاءت في ثنايا البحث. الخاتمة: وأوردت فيها أهم التتائج المتحصلة من هذا الموضوع. وتكمنُ أهمّية الموضوع فيما يأتي: أؤلاً: تتبّع ظاهرة تلحين القرآن، والطعن في إعرابه؛ بمن بدأت ولمن آلت. ثانياً: إفراد هذه الظاهرة الخطيرة ببحثٍ مستقلّ، فلم أجد مَنْ كتب فيها استقلالا؛ نعم هناك مَنْ كتب في إعراب آيات مشكلة، أو قضيّة تلحين القرّاء من بعض النحاة. ولكن هذا غير ما نحن بصدده؛ فحديثنا مع أُناسٍ من خارج الإسلام، أرادوا بتلحين القرآن إبطال نسبته لله - تعالى -. ثالثاً: الكشف عن أساليب أعداء الإسلام، وبيان طعنهم بلغة القرآن؛ و"الفقيه كلّ الفقيه: مَنْ فقه في القرآن، وعرف مكيدة الشَّيطان ". رابعاً: الجواب العلمي الموثق عن هذه التشكيكات، من مصادر علمائنا. هذا، فما كان من صواب فمن الله - تعالى -، وما كان من خطأٍ فمن نفسي ومن الشيطان، ولا حول ولا قوّة إلا بالله. المبحثُ الأوّل الطَّاعنون في إعراب القرآن بعد البحث والتقصّي أرى أنّ الطاعنين في نحو القرآن خمسة أصناف: الصّنف الأوّل: الزنادقة: ذهب بعضٌ من أهل الزندقة والإلحاد إلى تخطئة آيات من جهة النَّحو، وادَّعى هؤلاء أنَّ في القرآن لحناً. يقولُ الإمام ابنُ قتيبة: "وقد اعترض كتاب الله بالطَّعن ملحدون ولَغَوْا فيه وهجروا، واتّبعوا (مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ)، بأفهام كليلة، وأبصار عليلةٍ، ونظرٍ مَدْخُول؛ فحرَّفوا الكلامَ عن مواضعه، وعدلوه عن سُبُله. ثم قَضَوْا عليه بالتناقُض، والاسحالة، واللَّحْن، وفساد النَّظْم، والاختلاف ". وخصّص لهم ابن قتيبة باباً للرَّد عليهم بعنوان: "باب ما ادّعي على القرآن من اللَّحْن ".
يوسف بن خلف بن محل العيساوي - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ رد البهتان عن إعراب آيات من القرآن الكريم ❝ ❱
من كتب الإعراب و إعراب القرآن الكريم كتب علم اللغة العربية - مكتبة الكتب العلمية.

وصف الكتاب : [المقدمة]

الحمدُ لله رب العالمين، الذي جعل كتابه بلسان عربي مبين، والصَّلاة والسلام على نبينا محمّد خاتم المرسلين، ثم الرّضا عن آله وصحابته أجمعين، ومَنْ تَبِعهم بإحسانِ إلى يوم الدِّين.

وبعد:

فشاء الله سبحانه أن تكون العربية لغة كتابه ولسان وَحْيه، وأن يكون ذلك الكتاب الكريم آخر كُتبه وخاتمة رسالاته إلى عباده، قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)، وقال تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)).

فالعربية وعاءُ الإسلام، وهي من الذين، لا تنفصل عنه ولا ينفصل عنها، وهذا التكرار لعربيّة القرآن في آياتٍ عدة؛ لينبّهنا إلى أهمية الصلة بين القرآن ولغته، الموصوفة بالبيان، والمتميّزة بالإعراب " الذي جعله الله وَشياً لكلامها، وحِلْيةً لنظامها، وفارقاً في بعض الأحوال بين الكلامين المتكافئين، والمَعْنيَيْنِ المختلفَيْن ".

هذا الإعراب، الذي به تُعرف معاني آي الكتاب، ويُدفع عنها كلّ ارْتياب، هو عدَّة لأهل التفسير، وللمعربين النَّحارير؛ لبيان كلام العليّ القدير.

فبالإعراب نقف على أحكام القرآن، ونستخرج أسرار البيان، قال مكيّ بن أبي طالب: "من أعظم ما يجب على الطالب لعلوم القرآن، الراغب في تجويد ألفاظه، وفَهْم معانيه، ومعرفة قراءاته ولغاته، وأفضل ما القارئ إليه محتاج: معرفة إعرابه ".

وجاء عن السَّلف تفضيل إعراب القرآن والحضّ على تعلُّمه، فهو من الذين بمكانٍ معلوم. قال الإمام ابن عطيّة: "إعراب القرآن أصلٌ في الشَّريعة؛ لأنّ بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع ".

ومنذ القديم وإلى اليوم يعمل أعداءُ الإسلام على محاربة أصل الإسلام وجذره، وهو القرآن الكريم، ومحاربة لغته: اللغة العربيّة، فحمل أعداءُ الإسلام على معاني القرآن بالتحريف والتضليل، وأرادوا لتفسيره التحويل والتبديل.

وعَمِل آخرون على الطَّعن في إعرابه، بغية إبطاله؛ ولكن هيهات، فهو كلام رب الأرض والسماوات، أُنزل بأحسن اللّغات، وأبلغ العبارات.

ولنقرأ هذا القول للملاحدة أورده صاحب الانتصار: "إنّ الله - سبحانه - لا يجوز أن يتكلَّم باللَّحن، ولا ينزل القرآن ملحُوناً، وأنّ ذلك إنَّما هو تخليط ممّن جمعَ القرآن وكتب المصحف، وتحريفهم إما للجهل بذلك وذهابهم عن معرفة الوجه الذي أُنزل عليه، أو لقصد العناد والإلباس، وإفساد كتاب الله وإيقاع التخليط فيه ".

فهم - كما ترى - يريدون الطَّعن في القرآن، وفي أهل القرآن أهل الفصاحة والبيان، السابقين بالإيمان.

وهذا دَيْدن أتباعهم المعاندين، يقول الدكتور فضل حسن عبّاس: "والمستشرقون، والمبشّرون، والملاحدة، والذين يقلّدون هؤلاء وأُولئك، لم يألَوا جهداً أن ينالوا من لغة القرآن ".

واستغلّ أعداؤنا كلّ وسيلة للطعن في إعراب القرآن، وتلحين آياتٍ منه؛ فحتى الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت) لم تَخْلُ من مواقع تنشرُ مناقشات إعرإبية لتخطئةِ آيات من جهة النَّحو والإعراب.

فقد نشر الأستاذ الدكتور مازن المبارك مقالاً في صحيفة الخليج بعنوان (نحو الإنترنت) ردَّ فيه على كاتبٍ يدَّعي اللَّحن في آياتٍ من القرآن، وفي موقع (صيد الفوائد) مقال بعنوان (شبهات حول أخطاء قرآنية مزعومة) لكاتبٍ لم يذكر اسمه، ردَّ فيه على طاعنٍ في إعراب آي الكتاب.

فالطَّاعنون من الملاحدة والمنصرين، والمستشرقين وغيرهم، لديهم صبرٌ لا ينفد في استكشاف المخبوءات الواهيات، واستغلال الضعيف من الدّلالات، يؤيّدون بها ما يقرّرون من نظريّات، ويتركون الأدلَّة القاطعة، والحُجج الساطعة، وهذا ليس من العلم في شيءٍ، وإنما هو انحراف عن المنهج العلميّ السليم، والأخذ بمذهب سقيم.

ومن زمن وأنا اتابع الطاعنين، في إعراب الكتاب المبين؛ فسلكت ما تفرّق من مقالاتهم في هذا البحث اللّطيف؛ ليكون تذكرة للحصيف، وتبصرةً للغرّ الضعيف.

وسمّيته بـ (ردّ البهتان عن إعراب آياتٍ من القرآن).

وجاء البحث بعد هذه المقذمة في ثلاثة مباحث وخاتمة: المبحث الأوّل: الطَّاعنون في إعراب القرآن، وهو تقييد مُوجز لأصناف الطَّاعنين، وبيان تأثير هذه المقالة في صفوفهم.

المبحث الثاني: شُبَه الطَّاعنين في إعراب القرآن والجواب عنها: جمعتُ فيه أهمّ الشُّبَه التي يرتكز عليها هؤلاء، وبيَّنت فسادها وخطرها.

المبحث الثالث: آيات طُعِن في إعرابها وردُّ ذلك؛ وفيه الإجابة عن الآيات التي طُعِن في إعرابها - لا سيما - التي جاءت في ثنايا البحث.

الخاتمة: وأوردت فيها أهم التتائج المتحصلة من هذا الموضوع.

وتكمنُ أهمّية الموضوع فيما يأتي:

أؤلاً: تتبّع ظاهرة تلحين القرآن، والطعن في إعرابه؛ بمن بدأت ولمن آلت.

ثانياً: إفراد هذه الظاهرة الخطيرة ببحثٍ مستقلّ، فلم أجد مَنْ كتب فيها استقلالا؛ نعم هناك مَنْ كتب في إعراب آيات مشكلة، أو قضيّة تلحين القرّاء من بعض النحاة. ولكن هذا غير ما نحن بصدده؛ فحديثنا مع أُناسٍ من خارج الإسلام، أرادوا بتلحين القرآن إبطال نسبته لله - تعالى -.

ثالثاً: الكشف عن أساليب أعداء الإسلام، وبيان طعنهم بلغة القرآن؛ و"الفقيه كلّ الفقيه: مَنْ فقه في القرآن، وعرف مكيدة الشَّيطان ".

رابعاً: الجواب العلمي الموثق عن هذه التشكيكات، من مصادر علمائنا.

هذا، فما كان من صواب فمن الله - تعالى -، وما كان من خطأٍ فمن نفسي ومن الشيطان، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.

المبحثُ الأوّل

الطَّاعنون في إعراب القرآن

بعد البحث والتقصّي أرى أنّ الطاعنين في نحو القرآن خمسة أصناف:

الصّنف الأوّل: الزنادقة:

ذهب بعضٌ من أهل الزندقة والإلحاد إلى تخطئة آيات من جهة النَّحو، وادَّعى هؤلاء أنَّ في القرآن لحناً.

يقولُ الإمام ابنُ قتيبة: "وقد اعترض كتاب الله بالطَّعن ملحدون ولَغَوْا فيه وهجروا، واتّبعوا (مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ)، بأفهام كليلة، وأبصار عليلةٍ، ونظرٍ مَدْخُول؛ فحرَّفوا الكلامَ عن مواضعه، وعدلوه عن سُبُله. ثم قَضَوْا عليه بالتناقُض، والاسحالة، واللَّحْن، وفساد النَّظْم، والاختلاف ".

وخصّص لهم ابن قتيبة باباً للرَّد عليهم بعنوان: "باب ما ادّعي على القرآن من اللَّحْن ".

عدد مرات التحميل : 14731 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الأحد , 20 مارس 2016م.
حجم الكتاب عند التحميل : 1.7 ميجا بايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

 

[المقدمة]

الحمدُ لله رب العالمين، الذي جعل كتابه بلسان عربي مبين، والصَّلاة والسلام على نبينا محمّد خاتم المرسلين، ثم الرّضا عن آله وصحابته أجمعين، ومَنْ تَبِعهم بإحسانِ إلى يوم الدِّين.

وبعد:

فشاء الله سبحانه أن تكون العربية لغة كتابه ولسان وَحْيه، وأن يكون ذلك الكتاب الكريم آخر كُتبه وخاتمة رسالاته إلى عباده، قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)، وقال تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)).

فالعربية وعاءُ الإسلام، وهي من الذين، لا تنفصل عنه ولا ينفصل عنها، وهذا التكرار لعربيّة القرآن في آياتٍ عدة؛ لينبّهنا إلى أهمية الصلة بين القرآن ولغته، الموصوفة بالبيان، والمتميّزة بالإعراب " الذي جعله الله وَشياً لكلامها، وحِلْيةً لنظامها، وفارقاً في بعض الأحوال بين الكلامين المتكافئين، والمَعْنيَيْنِ المختلفَيْن ".

هذا الإعراب، الذي به تُعرف معاني آي الكتاب، ويُدفع عنها كلّ ارْتياب، هو عدَّة لأهل التفسير، وللمعربين النَّحارير؛ لبيان كلام العليّ القدير.

فبالإعراب نقف على أحكام القرآن، ونستخرج أسرار البيان، قال مكيّ بن أبي طالب: "من أعظم ما يجب على الطالب لعلوم القرآن، الراغب في تجويد ألفاظه، وفَهْم معانيه، ومعرفة قراءاته ولغاته، وأفضل ما القارئ إليه محتاج: معرفة إعرابه ".

وجاء عن السَّلف تفضيل إعراب القرآن والحضّ على تعلُّمه، فهو من الذين بمكانٍ معلوم. قال الإمام ابن عطيّة: "إعراب القرآن أصلٌ في الشَّريعة؛ لأنّ بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع ".

ومنذ القديم وإلى اليوم يعمل أعداءُ الإسلام على محاربة أصل الإسلام وجذره، وهو القرآن الكريم، ومحاربة لغته: اللغة العربيّة، فحمل أعداءُ الإسلام على معاني القرآن بالتحريف والتضليل، وأرادوا لتفسيره التحويل والتبديل.

وعَمِل آخرون على الطَّعن في إعرابه، بغية إبطاله؛ ولكن هيهات، فهو كلام رب الأرض والسماوات، أُنزل بأحسن اللّغات، وأبلغ العبارات.

ولنقرأ هذا القول للملاحدة أورده صاحب الانتصار: "إنّ الله - سبحانه - لا يجوز أن يتكلَّم باللَّحن، ولا ينزل القرآن ملحُوناً، وأنّ ذلك إنَّما هو تخليط ممّن جمعَ القرآن وكتب المصحف، وتحريفهم إما للجهل بذلك وذهابهم عن معرفة الوجه الذي أُنزل عليه، أو لقصد العناد والإلباس، وإفساد كتاب الله وإيقاع التخليط فيه ".

فهم - كما ترى - يريدون الطَّعن في القرآن، وفي أهل القرآن أهل الفصاحة والبيان، السابقين بالإيمان.

وهذا دَيْدن أتباعهم المعاندين، يقول الدكتور فضل حسن عبّاس: "والمستشرقون، والمبشّرون، والملاحدة، والذين يقلّدون هؤلاء وأُولئك، لم يألَوا جهداً أن ينالوا من لغة القرآن ".

واستغلّ أعداؤنا كلّ وسيلة للطعن في إعراب القرآن، وتلحين آياتٍ منه؛ فحتى الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت) لم تَخْلُ من مواقع تنشرُ مناقشات إعرإبية لتخطئةِ آيات من جهة النَّحو والإعراب.

فقد نشر الأستاذ الدكتور مازن المبارك مقالاً في صحيفة الخليج بعنوان (نحو الإنترنت) ردَّ فيه على كاتبٍ يدَّعي اللَّحن في آياتٍ من القرآن، وفي موقع (صيد الفوائد) مقال بعنوان (شبهات حول أخطاء قرآنية مزعومة) لكاتبٍ لم يذكر اسمه، ردَّ فيه على طاعنٍ في إعراب آي الكتاب.

فالطَّاعنون من الملاحدة والمنصرين، والمستشرقين وغيرهم، لديهم صبرٌ لا ينفد في استكشاف المخبوءات الواهيات، واستغلال الضعيف من الدّلالات، يؤيّدون بها ما يقرّرون من نظريّات، ويتركون الأدلَّة القاطعة، والحُجج الساطعة، وهذا ليس من العلم في شيءٍ، وإنما هو انحراف عن المنهج العلميّ السليم، والأخذ بمذهب سقيم.

ومن زمن وأنا اتابع الطاعنين، في إعراب الكتاب المبين؛ فسلكت ما تفرّق من مقالاتهم في هذا البحث اللّطيف؛ ليكون تذكرة للحصيف، وتبصرةً للغرّ الضعيف.

وسمّيته بـ (ردّ البهتان عن إعراب آياتٍ من القرآن).

وجاء البحث بعد هذه المقذمة في ثلاثة مباحث وخاتمة: المبحث الأوّل: الطَّاعنون في إعراب القرآن، وهو تقييد مُوجز لأصناف الطَّاعنين، وبيان تأثير هذه المقالة في صفوفهم.

المبحث الثاني: شُبَه الطَّاعنين في إعراب القرآن والجواب عنها: جمعتُ فيه أهمّ الشُّبَه التي يرتكز عليها هؤلاء، وبيَّنت فسادها وخطرها.

المبحث الثالث: آيات طُعِن في إعرابها وردُّ ذلك؛ وفيه الإجابة عن الآيات التي طُعِن في إعرابها - لا سيما - التي جاءت في ثنايا البحث.

الخاتمة: وأوردت فيها أهم التتائج المتحصلة من هذا الموضوع.

وتكمنُ أهمّية الموضوع فيما يأتي:

أؤلاً: تتبّع ظاهرة تلحين القرآن، والطعن في إعرابه؛ بمن بدأت ولمن آلت.

ثانياً: إفراد هذه الظاهرة الخطيرة ببحثٍ مستقلّ، فلم أجد مَنْ كتب فيها استقلالا؛ نعم هناك مَنْ كتب في إعراب آيات مشكلة، أو قضيّة تلحين القرّاء من بعض النحاة. ولكن هذا غير ما نحن بصدده؛ فحديثنا مع أُناسٍ من خارج الإسلام، أرادوا بتلحين القرآن إبطال نسبته لله - تعالى -.

ثالثاً: الكشف عن أساليب أعداء الإسلام، وبيان طعنهم بلغة القرآن؛ و"الفقيه كلّ الفقيه: مَنْ فقه في القرآن، وعرف مكيدة الشَّيطان ".

رابعاً: الجواب العلمي الموثق عن هذه التشكيكات، من مصادر علمائنا.

هذا، فما كان من صواب فمن الله - تعالى -، وما كان من خطأٍ فمن نفسي ومن الشيطان، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.

المبحثُ الأوّل

الطَّاعنون في إعراب القرآن

بعد البحث والتقصّي أرى أنّ الطاعنين في نحو القرآن خمسة أصناف:

الصّنف الأوّل: الزنادقة:

ذهب بعضٌ من أهل الزندقة والإلحاد إلى تخطئة آيات من جهة النَّحو، وادَّعى هؤلاء أنَّ في القرآن لحناً.

يقولُ الإمام ابنُ قتيبة: "وقد اعترض كتاب الله بالطَّعن ملحدون ولَغَوْا فيه وهجروا، واتّبعوا (مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ)، بأفهام كليلة، وأبصار عليلةٍ، ونظرٍ مَدْخُول؛ فحرَّفوا الكلامَ عن مواضعه، وعدلوه عن سُبُله. ثم قَضَوْا عليه بالتناقُض، والاسحالة، واللَّحْن، وفساد النَّظْم، والاختلاف ".

وخصّص لهم ابن قتيبة باباً للرَّد عليهم بعنوان: "باب ما ادّعي على القرآن من اللَّحْن ".

 

رد البهتان عن إعراب آيات من القرآن الكريم من علوم القرآن تحميل مباشر :

 

 

 

 



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل رد البهتان عن إعراب آيات من القرآن الكريم
يوسف بن خلف بن محل العيساوي
يوسف بن خلف بن محل العيساوي
IOSF BN KHLF BN MHL ALAISAOI
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ رد البهتان عن إعراب آيات من القرآن الكريم ❝ ❱.



كتب اخرى في كتب الإعراب و إعراب القرآن الكريم

قاموس الإعراب PDF

قراءة و تحميل كتاب قاموس الإعراب PDF مجانا

معجم الإعراب والإملاء PDF

قراءة و تحميل كتاب معجم الإعراب والإملاء PDF مجانا

معجم مصطلحات الإعراب والبناء في قواعد العربية العالمية عربي إنكليزي - إنكليزي عربي PDF

قراءة و تحميل كتاب معجم مصطلحات الإعراب والبناء في قواعد العربية العالمية عربي إنكليزي - إنكليزي عربي PDF مجانا

الشعر أو شرح الأبيات المشكلة الإعراب PDF

قراءة و تحميل كتاب الشعر أو شرح الأبيات المشكلة الإعراب PDF مجانا

المجيد في إعراب القرآن المجيد PDF

قراءة و تحميل كتاب المجيد في إعراب القرآن المجيد PDF مجانا

الأثر العقدي في تعدد التوجيه الإعرابي لآيات القرآن الكريم PDF

قراءة و تحميل كتاب الأثر العقدي في تعدد التوجيه الإعرابي لآيات القرآن الكريم PDF مجانا

الإغفال وهو المسائل المصلحة من كتاب معاني القرآن وإعرابه لأبي إسحاق الزجاج PDF

قراءة و تحميل كتاب الإغفال وهو المسائل المصلحة من كتاب معاني القرآن وإعرابه لأبي إسحاق الزجاج PDF مجانا

شرح الأبيات المشكلة الإعراب المسمى إيضاح الشعر PDF

قراءة و تحميل كتاب شرح الأبيات المشكلة الإعراب المسمى إيضاح الشعر PDF مجانا

المزيد من المعاجم والقواميس في اللغة العربية في مكتبة المعاجم والقواميس في اللغة العربية , المزيد من النحو في مكتبة النحو , المزيد من كتب علمية في مكتبة كتب علمية , المزيد من كتب الجغرافيا والرحلات في مكتبة كتب الجغرافيا والرحلات , المزيد من كتب علم الفيزياء في مكتبة كتب علم الفيزياء , المزيد من علم نفس واجتماع في مكتبة علم نفس واجتماع , المزيد من رسائل ماجستير و دكتوراه فى الارشاد و علم النفس في مكتبة رسائل ماجستير و دكتوراه فى الارشاد و علم النفس , المزيد من كتب علم الرياضيات في مكتبة كتب علم الرياضيات , المزيد من كتب علم الزراعة في مكتبة كتب علم الزراعة
عرض كل الكتب العلمية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..