العلاقة بين الأدب والنفس لا تحتاج إلى إثبات ، لأنه ليس هناك من ينكرها . وكل ما قد تدعو الحاجة إليه هو بيان هذه العلاقة ذاتها وشرح عناصرها . على أي نحو يرتبط الأدب بالنفس ؟ أيستمد الأدب من النفس أم تستمد النفس من الأدب ؟ أم أن العلاقة بينهما علاقة تبادل من التأثير والتأثير ؟
إن النفس النفس تصنع الأدب ، وكذلك يصنع الأدب النفس . النفس تجمع أطراف الحياة لكي تصنع منها الأدب ، والأدب يرتاد حقائق الحياة لكي يضىء جوانب النفس . و النفس التي تتلقى الحياة لتصنع الأدب هي النفس التي تتلقى الأدب لتصنع الحياة .
إنها دائرة لا يفترق طرفاها إلا لكي يلتقيا . وهما حين يلتقيان يضعان حول الحياة إطاراً فيصنعان لها بذلك معنى . والإنسان لا يعرف نفسه إلا حين يعرف للحياة معنى .
نظراً إلى الأهمية المتزايدة التي يحظى بها البعد النفسي في عالمنا المعاصر، بسبب من أزماته العميقة وحروبه المتكاثرة وضروب إغترابه ومظالمه المتفاقمة، تقدّم دار العودة لقرّائها هذه السلسلة النفسية التي تحاول كلُّ حلقةٍ فيها أن تُعنى عناية معمّقة بقضية نفسية مخصوصة ذات خطر، أو بمجال إلتقاء بين علم النفس وغيره من العلوم والمباحث، أو بجانب نظري أو تطبيقي من جوانب علم النفس وتقنياته البحثية والعلاجية... تحدوها في ذلك كلّه رغبة عميقة في إقامة المعارف النفسية على أساس علميّ ونقديّ متين ومنفتح على مختلف الثقافات.
وهذا الكتاب محاولة علمية لإستكشاف العلاقة بين ميدانين مختلفين ومترابطين أشدّ الترابط على الرغم من إختلافهما، هما علم النفس والأدب، وهي محاولةٌ لا تقتصر على القضايا والمشكلات العامة، كطبيعة الفنان وعبقريته ومدى إستفادة الدراسات الأدبية والنقدية والأديب نفسه من علم النفس...، بل تتعدّى ذلك إلى دراسات تحليلية نفسية تطبيقية معمّقة لأمثلةٍ عربية وأجنبية من الشعر والمسرح والقصة بوصفها محلّ دلالات وخبرات نفسية لا شكّ في وجودها ما دام الأدب يتناول قضايا الإنسان الجوهرية ويرتبط بألوان الصراع التي قُدِّر للإنسان أن يعيشها ويعانيها على مرّ الأزمان.
قراءة و تحميل كتاب بناء الثقة بالنفس بإستخدام الكلمات المشجعة PDF مجانا